في بعض الحالات المرضية تقابل المعالج حالات خاصة، تبوء جميع محاولات العلاج بالفشل، أو تكون كمية الأسحار كثيفة جدا إلى حد يحتاج إلى سنوات لإتمام علاج الحالة، وقد يموت المريض قبل أن تنتهي هذه الأسحار، ليرثها من بعده من أبناءه.
قد يكون لدى المريض (سحر مستمر)، وقد ورد ذكره في قوله تعالى: (وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ) [القمر: 2]. والواضح من اسم هذا النوع من الأسحار أنه متصف بالاستمرارية، فلا ينقطع، فإذا بطل منه جزء تلقى مددًا فيحافظ على استمراريته، وعلى هذا فإن (السحر المستمر) مصنوع بكيد، فمن المحال أن يبطل، والحل الوحيد هو رد هذا السحر إلى من سحر.
وفي بعض الحالات المرضية يكون المسحور له متابعا من قبل ساحر مقرب إليه، فهو متفرغ لإيذائه والتسلط عليه ليل نهار، وهذا يتضح من كثافة الأسحار ونوعيتها، بما يفيد وجود أسحار تجسس وتصنت، فتنقل الشياطين له أخبار المسحور له أولا بأول، فالمريض هنا مكشوف تماما للساحر. وفي مثل هذه الحالة يجب منع الساحر من مزاولة السحر، وهذا ما أسميه (حبس الساحر).
فكل ساحر له رصيد محدود من الأسحار، وإن أراد المزيد فهذا يكبده مشقة اكتساب أسحار جديدة، فإن أجاد استخدام ما لديه من أسحار أمكنه الحصول على أسحار جديدة، وإلا حرمته سحرة الجن من إمداده بأي سحر جديد، فهو من وجهة نظرهم (سفيه) يسيء استخدام أسحارهم، ولا يستحق منحه أسحار جديدة، وقد يصل إلى حد إنزال أشد العقوبات البدنية والنفسية بالساحر، بخلاف حرمانه من تنفيذ أي طلب سحر جديد.
فالساحر سواء كان (ساحر إنسي) أو (ساحر جني) فهو ملزم طبقا لقانون السحر والسحرة بمتابعة أسحاره، والحفاظ على خدامه، والسيطرة عليهم وإخضاعهم لتنفيذ المطلوب من (أمر التكليف)، وكذلك ملازمتهم للشخص (الموكلين به). لذلك من أكبر المصائب للساحر خرق أمر التكليف. لذلك فبدلا من تسلط (خدام السحر) على (المسحور له)، ندعوا الله بأن يرد (الأسحار) بخدامها إلى (الساحر) فيتسلطوا عليه بدلا من (المسحور له)، فخدام السحر ملزمون بتنفيذ أمر التكليف، سواء على الشخص الموكلين به، أو أي شخص آخر ينتقل إليه السحر.
وهذه حيلة غاية في المكر والدهاء، وتعتبر كارثة بالنسبة لأي ساحر لا حيلة له فيها أبدا، لأن السحر إن رد إليه فإنه بسحره لن يبطله، لأن السحر لا يبطل سحرا، ولا يبطل السحر إلا الله عز وجل، لذلك فرد السحر إلى الساحر يعتبر ورطة كبيرة له لا يمكنه التخلص منها. فما كان يحدث للمسحور له سيصيب الساحر ولن يبطل السحر، ويستمر هكذا حتى يموت، لكن هذه الحيلة محدودة النتائج مع سحر واحد، فلك أن تتخيل حجم الكارثة بالنسبة للساحر إن ردت إليه جميع أسحاره؟!!! تنبه! الساحر لم يقم بسحر واحد فقط، ولم يسحر لشخص واحد فقط، فالكم غزير من الأسحار، فإذا دعونا الله برد أسحاره إليه فهذا يستغرق زمنا من الدعاء، بحسب ما يظهر من أسحار مخفية، وبحسب ما قد يجد من أسحار يحتفظ بها لديه.
فحتما لن يقف الساحر مكتوف اليدين أمام هذا الكم من الأسحار المردودة إليه، فسوف يحاول بقدر الإمكان استخراج ما يدخره من أسحار، ويدفع بها ضد المعالج من خلال المريض، بهدف إفشال كل محاولات رد الأسحار إليه. وهذا من أهم أسباب طول مدة (حبس الساحر) والتي قد تمتد من عدة أشهر إلى سنوات، بحسب طول مدة ممارسته للسحر، وبحسب رصيده الذي يدخره من أسحار، وبكل تأكيد بحسب قوته كساحر وبحسب خبرته. والنتيجة الحتمية من رد الأسحار إلى الساحر:
_ منع الساحر من الحصول على أسحار جديدة.
_ استنفاذ رصيده من الأسحار المدخرة.
_ رد الأسحار إلى الساحر.
_ تسلط شياطين الساحر عليه.
_ تخف وطأة الأسحار عن المسحور لهم من قبل الساحر.
_ يقل عدد الأسحار المتسلطة على المسحور لهم من قبل الساحر.
لا تستخف بهذه النتائج، فهذه الأسحار سترفع عن المريض وعن كل من سحر لهم الساحر، فلك أن تتخيل أن من بين أسحاره المردودة إلية (أسحار قتل)، وإن ردت إليه تسلطت عليه بالقتل، فصار الساحر أمام مصير محتوم وهو أن تقتله الشياطين. ودافع الساحر عن نفسه يلزمه أن يدفع (سحر القتل) بكل ما أوتي من رصيد من الأسحار، أي سيكون في حالة استنفاذ لأسحاره المدخرة للدفاع عن نفسه، فمصيره المنتظر هو الموت مقتولا، فقتل الساحر مرحلة أخرى من العلم تحتاج شرح وتدريب عملي لاكتساب هذه الخبرة والمهارة.
وهذه رقية عبارة عن دعاء صنفته بهدف حبس الساحر عن مزاولة السحر بإذن الله تبارك وتعالى، على المعالج أن يكرره قدر المستطاع بغير عدد محدد بحسب ما يجد أمامه من مستجدات:
(اللهم رد السحر إلى كل من سحر، واحبسه في جسده، وسلط شياطينه عليه، إنك أنت اللطيف الخبير، وأنت السميع العليم، بلا إله إلا الله الأحد الصمد الحي القيوم، بسم الله، الله أكبر)
ندعو الله أن يرد السحر إلى من سحر، أي إلى الساحر وإلى المسحور لأجله (أي من طلب من الساحر أن يسحر)، فيرجع السحر إلى الساحر (سحره بكل سحرته وبخدامه من الجن)، ويحبسهم في جسده، أي يمنعهم الله عن الخروج منه أو إعادة توظيفهم، ويسلطهم الله على الساحر بدلا من المريض، والنتيجة أن الساحر سوف يستنفذ طاقته السحرية لدفع هذا الأذى عنه حتى يفلس من أسحاره، وبعدها تتسلط الشياطين عليه حتى تقتله ويموت، بينما يتماثل المريض للشفاء.
وتنبه أن صياغة الدعاء هنا دقيقة، فقل: (اللهم رد السحر إلى من سحر)، كما ارسلها ترد إليه، ولا تقل: (اللهم رد السحر على من سحر) لأنك تدعو على الساحر بسحره، فتكون قد سحرت وأنت لا تدري.